معنى السياحة في نصوص الكتاب والسنة
السؤال
هل كلمة السياحة ذكرت في القرآن الكريم أو السنة وكم مرة ذكرت؟ وما هي السور والأحاديث التي تتحدث عن السياحة لأنني أدرس في كلية سياحة وفنادق وبعض أصدقائي يقولون لي سياحة وفنادق كلية حرام ومختلطة وبنات متبرجات، وأنا لا أستطيع أن أترك الكلية. فماذا أفعل لأكون شابا ملتزما على مراد كتاب الله وسنة رسوله وأفهم السياحة في الإسلام؟ وما دوري أنا في الحياة كطالب في كلية سياحة وفنادق؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسياحة وردت في القرآن الكريم والسنة الشريفة، بأكثر من معنى. كما في قوله تعالى: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ ...{التوبة:112}، وقوله سبحانه: عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا. {التحريم:5}.
قال ابن كثير في تفسيره: ومن أفضل الأعمال الصيامُ، وهو المراد بالسياحة هاهنا؛ ولهذا قال: {السَّائِحُونَ } كما وصف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى: {سَائِحَاتٍ }. [التحريم: 5] أي: صائمات.
وقال القرطبي: {السَّائِحُونَ} الصائمون ؛ عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما. ومنه قوله تعالى : {عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [التحريم: 5].
وقال عطاء : السائحون المجاهدون...
وقيل : السائحون المهاجرون....
وقيل : هم الذين يسافرون لطلب الحديث والعلم ...
وقيل : هم الجائلون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وتعظيمه... (ا.هـ مع الحذف).
وقد وردت آيات كثيرة تأمر بالسير في الأرض كقوله تعالى: أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ. {غافر:21}. وهذا السير إنما هو للاعتبار والاتعاظ بحالهم والتأمل والنظر في عاقبتهم. ولا شك أن هذا يختلف عن السياحة بمفهومها المعاصر الذي ينطوي على فعل كثير من المنكرات.
وعن أبي أمامة أن رجلا قال يا رسول الله ائذن لي في السياحة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله تعالى. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
قَالَ فِي السِّرَاج الْمُنِير : كَأَنَّ هَذَا السَّائِل اِسْتَأْذَنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَاب فِي الْأَرْض قَهْرًا لِنَفْسِهِ بِمُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفَات وَالْمُبَاحَات وَاللَّذَّات، وَتَرْك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات، وَتَعْلِيم الْعِلْم وَنَحْوه، فَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا رَدّ عَلَى عُثْمَان بْن مَظْعُون فِي التَّبَتُّل. عون المعبود.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام. رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني. (سياحين): من السياحة وهي السير يقال: ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها أصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط. فيض القدير.
وقال عليه الصلاة والسلام: إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس... إلخ.
رواه بهذا اللفظ أحمد والترمذي، ورواه البخاري بلفظ: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر... ورواه مسلم بلفظ: إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة....
فالسياحة في هذين الحديثين، وإن كانت بمعنى السير والتجول، إلا أنها لا تدل على إباحة السياحة بمفهومها المعاصر كما قدمنا.
وأما باقي ما ورد في السؤال فقد تقدم الجواب عنه في الفتوى رقم: 132024.
والله أعلم.